أطفالنا ومعانى الرجولة

الموضوع في 'الاسره والطفل' بواسطة عيسى الراجحي, بتاريخ ‏23 فبراير 2010.

  1. عيسى الراجحي

    عيسى الراجحي مراقب عام

    ان مما يعاني منه كثير من الناس ظهور الميوعة وآثار التّرف في شخصيات أولادهم، ولمعرفة حلّ هذه المشكلة لابد من الإجابة على السّؤال التالي: كيف ننمي عوامل الرّجولة في شخصيات أطفالنا؟


    إن موضوع هذا السؤال هو من المشكلات التّربوية الكبيرة في هذا العصر، وهناك عدّة حلول إسلامية وعوامل شرعية لتنمية الرّجولة في شخصية الطّفل، ومن ذلك ما يلي:


    "الـتـكـنـيـة"

    مناداة الصغير بأبي فلان أو الصغيرة بأمّ فلان ينمّي الإحساس بالمسئولية، ويُشعر الطّفل بأنّه أكبر من سنّه فيزداد نضجه، ويرتقي بشعوره عن مستوى الطفولة المعتاد، ويحسّ بمشابهته للكبار، وقد كان النبي يكنّي الصّغار؛ فعَنْ أَنَسٍ قَالَ: { كَانَ النَّبِيُّ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ – قَالَ: أَحسبُهُ فَطِيمًا – وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَالَ: يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟! } (طائر صغير كان يلعب به) [رواه البخاري: 5735].


    وعَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ قالت: { أُتِيَ النَّبِيُّ بثِيَابٍ فِيهَا خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ صَغِيرَةٌ ( الخميصة ثوب من حرير ) فَقَالَ: مَنْ تَرَوْنَ أَنْ نَكْسُوَ هَذِهِ؟ فَسَكَتَ الْقَوْمُ، قَالَ: ائْتُونِي بِأُمِّ خَالِدٍ. فَأُتِيَ بِهَا تُحْمَلُ ( وفيه إشارة إلى صغر سنّها ) فَأَخَذَ الْخَمِيصَةَ بِيَدِهِ فَأَلْبَسَهَا وَقَالَ: أَبْلِي وَأَخْلِقِي، وَكَانَ فِيهَا عَلَمٌ أَخْضَرُ أَوْ أَصْفَرُ فَقَالَ: يَا أُمَّ خَالِدٍ، هَذَا سَنَاه، وَسَنَاه بِالْحَبَشِيَّةِ حَسَنٌ } [رواه البخاري: 5375].


    وفي رواية للبخاري أيضاً: { فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَلَمِ الْخَمِيصَةِ وَيُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَيَّ وَيَقُولُ: يَا أُمَّ خَالِدٍ، هَذَا سَنَا، وَالسَّنَا بِلِسَانِ الْحَبَشِيَّةِ الْحَسَنُ } [رواه البخاري: 5397].


    "أخذه للمجامع العامة وإجلاسه مع الكبار"

    وهذا مما يلقّح فهمه ويزيد في عقله، ويحمله على محاكاة الكبار، ويرفعه عن الاستغراق في اللهو واللعب، وكذا كان الصحابة يصحبون أولادهم إلى مجلس النبي ومن القصص في ذلك: ما جاء عن مُعَاوِيَةَ بن قُرَّة عَنْ أَبِيهِ قَالَ: { كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ إِذَا جَلَسَ يَجْلِسُ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَفِيهِمْ رَجُلٌ لَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ يَأْتِيهِ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِهِ فَيُقْعِدُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ.. الحديث } [رواه النسائي وصححه الألباني في أحكام الجنائز].


    "تحديثهم عن بطولات السابقين واللاحقين والمعارك ا لإسلامية وانتصار ات المسلمين"

    لتعظم الشجاعة في نفوسهم، وهي من أهم صفات الرجولة، وكان لل**ير بن العوام طفلان أشهد أحدهما بعضَ المعارك، وكان الآخر يلعب بآثار الجروح القديمة في كتف أبيه كما جاءت الرواية عن عروة بن ال**ير { أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ قَالُوا لِلزُّبَيْرِ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ: أَلا تَشُدُّ فَنَشُدَّ مَعَكَ؟ فَقَالَ: إِنِّي إِنْ شَدَدْتُ كَذَبْتُمْ. فَقَالُوا: لا نَفْعَلُ، فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ ( أي على الروم ) حَتَّى شَقَّ صُفُوفَهُمْ فَجَاوَزَهُمْ وَمَا مَعَهُ أَحَدٌ، ثُمَّ رَجَعَ مُقْبِلاً فَأَخَذُوا ( أي الروم ) بِلِجَامِهِ ( أي لجام الفرس ) فَضَرَبُوهُ ضَرْبَتَيْنِ عَلَى عَاتِقِهِ بَيْنَهُمَا ضَرْبَةٌ ضُرِبَهَا يَوْمَ بَدْر، قَالَ عُرْوَةُ: كُنْتُ أُدْخِلُ أَصَابِعِي فِي تِلْكَ الضَّرَبَاتِ أَلْعَبُ وَأَنَا صَغِيرٌ. قَالَ عُرْوَةُ: وَكَانَ مَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمَئِذٍ وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ فَحَمَلَهُ عَلَى فَرَسٍ وَوَكَّلَ بِهِ رَجُلاً } [رواه البخاري: 3678].


    قال ابن حجر رحمه الله في شرح الحديث: وكأن ال**ير آنس من ولده عبد الله شجاعة وفروسية فأركبه الفرس وخشي عليه أن يهجم بتلك الفرس على ما لا يطيقه، فجعل معه رجلاً ليأمن عليه من كيد العدو إذا اشتغل هو عنه بالقتال. وروى ابن المبارك في الجهاد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن ال**ير "أنه كان مع أبيه يوم اليرموك , فلما انهزم المشركون حمل فجعل يجهز على جرحاهم" وقوله: " يُجهز " أي يُكمل قتل من وجده مجروحاً, وهذا مما يدل على قوة قلبه وشجاعته من صغره.


    "تعليمه الأدب مع الكبار"

    ومن جملة ذلك ما رواه أَبو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: { يُسلِّمُ الصَّغِيرُ على الكبِيرِ، والمارُّ على القاعِدِ، والقليلُ على الكثِيرِ } [رواه البخاري: 5736].


    "إعطاء الصغير قدره وقيمته في المجالس"

    ومما يوضّح ذلك الحديث التالي: عن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: { أُتِيَ النَّبِيُّ بِقَدَحٍ فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلامٌ أَصْغَرُ الْقَوْمِ وَالأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارهِ فَقَالَ: يَا غُلامُ، أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ الأشْيَاخَ؟ قَالَ: مَا كُنْتُ لأوثِرَ بِفَضْلِي مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ } [رواه البخاري: 2180].


    "تعليمهم الرياضات الرجولية"

    كالرماية والسباحة وركوب الخيل وجاء عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ قَالَ: { كَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ أَنْ عَلِّمُوا غِلْمَانَكُمْ الْعَوْمَ } [رواه الإمام أحمد في أول مسند عمر بن الخطاب]."تجنيبه أسباب الميوعة
    فيمنعه وليّه من رقص كرقص النساء، وتمايل كتمايلهن، ومشطة كمشطتهن، ويمنعه من لبس الحرير والذّهب. وقال مالك رحمه الله. "وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ يَلْبَسَ الْغِلْمَانُ شَيْئًا مِنْ الذَّهَبِ لأَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ نَهَى عَنْ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ، فَأَنَا أَكْرَهُهُ لِلرِّجَالِ الْكَبِيرِ مِنْهُمْ وَالصَّغِيرِ" [موطأ مالك].


    "تجنب إهانته خاصة أمام الآخرين"

    "عدم احتقار أفكاره وتشجيعه على المشاركة"

    "إعطاؤه قدره وإشعاره بأهميته"

    وذلك يكون بأمور مثل:(1) إلقاء السّلام عليه، وقد جاء عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ مَرَّ عَلَى غِلْمَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ } [رواه مسلم: 4031].

    (2) استشارته وأخذ رأيه.

    (3) توليته مسئوليات تناسب سنّه وقدراته.

    (4)استكتامه الأسرار.


    ويصلح مثالاً لهذا والذي قبله حديث أَنَسٍ قَالَ: { أَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَا أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ قَالَ: فَسَلَّمَ عَلَيْنَا فَبَعَثَنِي إِلَى حَاجَةٍ فَأَبْطَأْتُ عَلَى أُمِّي، فَلَمَّا جِئْتُ قَالَتْ: مَا حَبَسَكَ؟ قُلْتُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ لِحَاجَةٍ. قَالَتْ: مَا حَاجَتُهُ؟ قُلْتُ: إِنَّهَا سِرٌّ. قَالَتْ: لا تُحَدِّثَنَّ بِسِرِّ رَسُولِ اللَّهِ أَحَدًا } [رواه مسلم: 4533].


    وفي رواية عن أَنَسٍ قال: { انْتَهَى إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَا غُلامٌ فِي الْغِلْمَانِ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَأَرْسَلَنِي بِرِسَالَةٍ وَقَعَدَ فِي ظِلِّ جِدَار- أَوْ قَالَ إِلَى جِدَار - حَتَّى رَجَعْتُ إِلَيْهِ } [رواه أبو داود في كتاب الأدب من سننه، باب في السلام على الصبيان].


    وعن ابْن عَبَّاسٍ قال: { كُنْتُ غُلامًا أَسْعَى مَعَ الْغِلْمَانِ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِنَبِيِّ اللَّهِ خَلْفِي مُقْبِلاً فَقُلْتُ: مَا جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ إِلا إِلَيَّ، قَالَ: فَسَعَيْتُ حَتَّى أَخْتَبِئَ وَرَاءَ بَابِ دَار، قَالَ: فَلَمْ أَشْعُرْ حَتَّى تَنَاوَلَنِي فَأَخَذَ بِقَفَايَ فَحَطَأَنِي حَطْأَةً ( ضربه بكفّه ضربة ملاطفة ومداعبة ) فَقَالَ: اذْهَبْ فَادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ. قَالَ: وَكَانَ كَاتِبَهُ فَسَعَيْتُ فَأَتَيْتُ مُعَاوِيَةَ فَقُلْتُ: أَجِبْ نَبِيَّ اللَّهِ فَإِنَّهُ عَلَى حَاجَةٍ } [رواه الإمام أحمد في مسند بني هاشم].


    وهناك وسائل أخرى لتنمية الرجولة لدى الأطفال منها:(1) تعليمه الجرأة في مواضعها ويدخل في ذلك تدريبه على الخطابة.

    (2) الاهتمام بالحشمة في ملابسه وتجنيبه الميوعة في الأزياء وقصّات الشّعر والحركات والمشي، وتجنيبه لبس الحرير الذي هو من طبائع النساء.

    (3) إبعاده عن التّرف وحياة الدّعة والكسل والرّاحة والبطالة،وقد قال عمر: اخشوشنوا فإنّ النِّعَم لا تدوم.

    (4) تجنيبه مجالس اللهو والباطل والغناء والموسيقى؛ فإنها منافية للرّجولة ومناقضة لصفة الجِدّ.


    هذه طائفة من الوسائل والسّبل التي تزيد الرّجولة وتنميها في نفوس الأطفال، والله الموفّق للصواب.

    وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.​
     
  2. نديم الحب

    نديم الحب New Member



    عيسى الراجحي


    موضوع جميل فعلاً..

    سلمت يداك ياصديقي..


    تحياتي..
     
  3. عيسى الراجحي

    عيسى الراجحي مراقب عام


    نديم الحب


    الجميل هو تواجدك هنا..


    لك ودي..
     
  4. الزيلعي

    الزيلعي New Member

    كلمات رائعة تدل على سلامة و عمق أفكار من رسمها وأهداها إلى المنتدى وتألقه إلى سماء رحبة مملوءة بمعان إسلامية يهتدي بها ويهديها
    كامل ودي إليك
     
  5. معين

    معين New Member



    عيسى الراجحي


    كلمات جميلة وعميقة المعاني..

    سلمت ياالغالي..




    عظيم شكري وامتناني
     
  6. طلال الدبعي

    طلال الدبعي شاعر/اداري

    بارك الله فيك يا عيسى

    موضوع كلماته تكتب بماء الذهب

    ما أجمل ما تأتي به لهذا المنتدى الرائع بوجو أمثالك فيه
     
  7. شيرين

    شيرين New Member

    عيسى الراجحي



    أنت رائع دوماً في كل ماتكتب أو ماتنقل..


    كلنا نشعر بطيبة قلبك وتفانيك من أجل الاخرين..


    سلمت يداك على هذا الموضوع الجميل..





    لك ودي..
     
  8. عيسى الراجحي

    عيسى الراجحي مراقب عام

    الزيلعي


    كلماتك وثنائك أثلجت صدري فأنت بحق رجل رائع
    تجعلني دائماً أشعر بحاجتي إليك..
    وأفتخر بصداقتك..
    شكراً على مرورك يارائع..



    معين


    مرورك هو الأجمل..
    فشكراً لك على هذا المرور الذي غمر قلبي سعادة
    وصفحتي نوراً..

    كن بالجوار يارائع..




    طلال الدبعي

    أستاذنا القدير.. وجودك في صفحتي والأعجاب بموضوعي هو مايكتب بماء الذهب..
    فشخص قدير مثلك يشعر الإنسان بالفخر والإعجاب بمعرفته وصداقته..
    وثنائك علي أخجلني كثيراً..
    فما أنا سوى تلميذ يتعلم من بحر معرفتكم العميق..

    شرفني تواجدك هنا..



    شيرين


    أيتها الرائعة المتألقة..
    شكراً لإطراءكِ الجميل الذي أعطاني
    أكثر مما أستحقه هنا..
    وشكراً لكلمات الثناء التي غمرتيني بها..
    فلكِ كل التقدير والإحترام..
    وشكراً لهذا المرور المعطر بعبق حضورك..




    لكم خالص ودي..
     
  9. خالد

    خالد New Member

    عيسى الراجحي


    موضوع رائع..

    واعجبني ماقاله الاخرون عنك من ردود..

    فأنت بحق نور المنتدى..

    سلمت يداك..



    خالص ودي..
     
  10. عيسى الراجحي

    عيسى الراجحي مراقب عام

    خالد


    النور نور وجودك معنا في المنتدى يارائع..


    شكراً لك على كلماتك الجميلة..



    لك ودي..
     
  11. ضفاف الروح

    ضفاف الروح .:. الإدارة العليا .:.

    الفاضل / عيسى الراجحي


    كلي شكر وتقدير لشخصكم الكريم

    وعلى هذا الانتقاء المميز للمواضيع



    فما عهدنا منك الا كل ماهو راقي ومفيد


    ود
     
  12. عيسى الراجحي

    عيسى الراجحي مراقب عام


    العزيزة/ ملكة سبأ

    أشكر لك حضورك الرائع هنا..

    وكلمات ثنائك علي وسام يعلق على صدري

    مرورك ومرور جميع الإعضاء هو مايزيد

    مواضيعي جمالاً..

    لكِ ودي
     
  13. رد: أطفالنا ومعانى الرجولة

    اخي عيسى اشكرك على طرحك لهدا الموضوع المفيد
    وتعتبر قواعد اساسيه في تربية الاولاد
    جزاك الله كل خير
     

مشاركة هذه الصفحة