نقش القصيدة الحميرية أو ترنيمة الشمس ( صورة من الأدب الديني في اليمن القديم)د. يوسف محمد عبداللهتمهيد: هذه دراسة قصيرة، ولكنها استغرقت من وقتي مدة طويلة فلقد بدأتها في عام 1977وانهيتها بعد عشر سنوات تقريباً. وهذا لا يعني أنني عكفت عليها هذه المدة كلها، ولكني كنت أتعهدها بالرعاية بين الحين والآخر. فهي من الدراسات التي يصعب القيام بها في فترة وجيزة، وينبغي لمن يتناول مثل هذه الدراسة أن يتروى في أحكامه، وان لا يعتمد أول ما يخطر بباله من استنتاج، ذلك لأن البداية فيها تكاد أن تكون من الصفر، وأول الاشتغال بها ضرب في المجهول أو رجم بالغيب. وقد لا يصل المرء بعد ذلك العناء كله إلى نتيجة مرضية، ومع ذلك قيل: ولكل مجتهد نصيب، وللمجتهد إن اخطأ، مع ذلك كله اجر حسن. هذه دراسة لنص منقوش على صخرة، عثرت عليه لأول مرة في إحدى رحلاتي الأثرية عام1977 في وادي قانية بناحية السوادية. ويشاء الله أن يكون هذا النص اكتشافاً عجيباً لم يعثر على شيء مثله، وحتى الآن بعد عشر سنوات من اكتشافه، في بلاد اليمن كله، وقد تبينت هذه الحقيقة في اللحظة التي شاهدته فيها لأول مرة، ذلك لأني لست غريباً على مجال النقوش اليمنية القديمة، فقد درست هذا العلم في مظانه زمناً واشتغلت به ودرسته في الجامعة سنوات طويلة. ومع ذلك فقد جابهني النص بمشكلتين كبيرتين:- الأولى تتمثل في أن الجانب الأيمن من النقش كان مشوهاً، ولا يكاد المرء يتبين حروفه، وقد اختلط حفر النقش على الصخر بالخدش المتعمد الذي لحقه بحيث لم يتبق إلا الجانب الأيسر منه والذي تبدى لي وكأن حروفه ممكنة القراءة. وهكذا حكم على قارئ النص منذ البداية أن يقتصر على قراءة حروف النصف من كل سطر وان يعمل بكل ما أوتي من علم ودربة على إعادة تركيب النصف الأول إن هو قدر على ذلك. ولكن هيهات أن يتسنى له حتى مثل ذلك مادام النص يجابهه بمشكلة كبرى أخرى لا تقل عقدتها عن سابقتيها، وهي أن لغة النص تكاد تكون لأول وهلة غير مفهومة وربما غير معلومة، إذ لا يكفي القارئ المختص في المادة أن يكون النص أمامه مكتوباً بخط المسند فيقرأ أي نص من نصوص نقوش المسند، فما بالك بنقش لم يعثر من قبل على ما يشابهه مبنى أو يشاكله معنى. ولعل من يقرأ هذا التمهيد يقدر الوضع الردئ الذي كان فيه مكتشف النص حينئذ فيغفر له أحجامه عن نشر هذا النص في حينه، ويرفق به إن هو تجرأ على نشر ما يتعذر نشره بيسر واطمئنان، بعد أن تبدى له بصيص نور، وفتح الله على المريد بعض مغاليق الحروف، وكما قيل( من سار على الدرب وصل) أو قل( على المدى قد يقطع الحبل الحجر). ومع ذلك فلعل الله يقيض للنص من " يتجاسر عليه" بعد نشره ويسهم في تكميل ما نقص وبيان ما خفي منه وإعراب ما أعجم من لغته، ولكني أربأ به من أن يصنع مثلما صنع احدهم، عندما عرضت عليه النص مستأنسا برأيه، وهو الحاذق الأريب في مجاله، فما كان منه إلا أن طلب مني أن أمهله لحظات ما لبث بعدها إلا أن قدم لي تفسيراً جامعاً مانعاً لكل نص، وكأنه يستغرب مني ادعاء صعوبته. وألقيت على ما دونه نظرة فاحصة، فإذا بي أمام نص جديد لا علاقة له البتة بالنقش المذكور، اللهم إلا أنه استغل حال غموض النص فاعمل خياله بعد أن ( اصطاد ) كلمة واضحة الرسم هنا وهناك، وأقحم فيها المعنى المقارب الذي( خمنه) فيها، ثم استخرج من مكنون خياله سياقاً للمعنى من بين تلك الكلمات التي خيل انه يفهمها، وإذا به أمام نص عجيب ينبئ عن قدره صاحبه على الخيال والكتابة، ولكن النص الجديد هذا، ولا ريب غير ماهو منقوش على الصخر مبنى ومعنى. وقد جربت أن اصنع مثلما صنع ونجحت، ولا اخفي القارئ أنني جاريت صاحبي في جرأته مراراً، واستطعت في كل مرة أن أضع نصاً جديداً مختلفاً كل الاختلاف عن النص السابق، بل إنني استطعت أن أضارعه في طريقة الكتابة وخصب الخيال فتخيلت ما شئت من حروف ومعان في النقش ثم دونتها بتنظيم في نص حسن الصياغة ومفيد الكلام، حتى ظننت انه لو علم ما في الأصل حقاً لقصر ذلك عن النص الموضوع براعة وفناً. ولكن الحقيقة تظل هي الحقيقة فما ألفه صاحبي وما تخيلته أنا هو في حقيقة الأمر غير ماهو منقوش على الصخر، فما هو منقوش، ينبغي أن يبرز نفسه من خلال ما يرى حقاً وما يدرس فعلاً، قد ر الإمكان وذلك أمر قد لا يتحقق أبداً فيبقى النص حينئذ سرا مكنوناً. وأشهد الله انني لم اختر السهل وإلا لكنت نشرت النص قبل عشر سنوات بعد قراءته لأول مرة، وازعم انني وفقت في فك بعض أسرار هذا النقش واعترف انه قد غابت عني أسرار وأسرار. ويشفع لي في ذلك أن المهمة كانت بالغة الصعوبة، وان مامن دارس إلا وله مقام معلوم لا يقدر على تجاوزه وكل ميسر لما خلق له، كما أن النص بهذه الصورة التي أقدمها هو أيسر للقراء وادعى للمثابرة على مواصلة الجهد. وأملي أن يصل إلى أيدي الباحثين والمهتمين نص مفيد ومثير كهذا، مثير لهم في تصحيح الخطأ وتقويم المعوج، ومفيد لهم في دراستهم الأثرية والأدبية واللغوية على مستوى اليمن القديم خاصة، وجزيرة العرب وما جاورها بوجه عام. قصة الاكتشاف: في الأول من أغسطس عام 1973 توجهت على رأس بعثة أثرية مشتركة من جامعة صنعاء والهيئة العامة للآثار إلى لواء البيضاء لمسح المواقع الأثرية في ناحية السوادية عن طريق صنعاء- ذمار- رداع. وكان أعضاء الفريق الأثري هم: السيدة سلمى الراضي. الدكتور حالياً – تخصص آثار، والأخ عبد الرحيم غالب- مدير الآثار سابقاً، وعبده عثمان غالب خريج آثار ( يحضر حالياً للدكتوراه في الآثار) في سنته الأخيرة بالولايات المتحدة الأمريكية، وأحمد خميس سائق السيارة. وقد استغرقت الرحلة من صنعاء إلى عزلة قانية في ناحية السوادية حوالي عشر ساعات بالسيارة، إذ لم يكن طريق رداع البيضاء قد شَقَّ ورصف حينئذ علماً بأن المسافة لا تزيد عن 250 كيلو متراً. كان هدف الرحلة بالدرجة الأولى هو وادي قانية، وكنت قد جمعت عن المنطقة نُبذَاً من المعلومات والأخبار. وقرأت ما كتب عنها وخاصة إشارات الحسن بن أحمد الهمداني في كتابه (صفة جزيرة العرب) وكانت أخبار المنطقة الأثرية قد استهوتني منذ أن زرت منطقة المعسال- قرب السوادية عام 1973 إبان كنت اجمع مادة أثرية ونقشية في رسالة الدكتوراه في جامعة توبنجن بألمانيا الاتحادية. واعتمادا على تلك المعلومات وعلى ما أخبرنا به من التقينا بهم في الطريق، يممنا شطر الهدف لا نلوي على شيء حتى حلول الظلام بلغنا حينها وادياً رحباً لا نكاد نتبين أرجاءه لانسدال رداء العتمة.وعندما سألنا بعض من أثاره صوت سيارتنا فخرج للقائنا، عن اسم الوادي قال لنا انه وادي قانية. على إننا لم نتمكن من دخول قرية الجذمة، إحدى قرى الوادي في صبيحة اليوم التالي بعد أن استرحنا بضع ساعات من عناء الرحلة وعنت الموقف، وكنا أول أثريين يصلون إلى المنطقة. ومبلغ العلم أنه لم يصل هذه المنطقة قبل ذلك أي رحالة أو عالم آثار أجنبي أو عربي سواء في القرن الماضي أو هذا القرن. إن أهم موقع اثري في وادي قانية هو هجر قانية وهو موقع قديم يقوم على تلة من الحجر الكلسي يرتفع حوالي 150 مترا عن بطن الوادي، ويبعد عن قرية قانية والجذمة. وآثار العمور في الموقع بادية يتصدرها اكبر مبنى فيه، وهو قصر( شبعان) الذي بناه( نبط عم زأدن ) من آل معاهر، اقيال اتحاد قبائل ردمان وذي خولان. وقد عثر على نقش بين ركام القصر يسجل اسم هذا القيل بوضوح. ويذكر نقش آخر عثر عليه في الموقع نفسه أن هذا القصر أعيد بناؤه بعد هدمه. وكان الذي أعاده هو القيل ناصر يهحمد من العائلة نفسها، والذي عاش في عهد ملك حضرموت المعروف( العز يلط بن عم ذخر) وذلك في حوالي الربع الأول من القرن الميلادي. وفي أسفل التل من الناحية الغربية تقع المقبرة القديمة. وكانت لدى زيارتنا إياها آنذاك في حالة حسنة. وقد روى لنا بعض الأهالي أنه عثر على بقايا عظام ووعاء من المرمر عندما كان يحرث احدهم أرضه بجانب المقبرة. وعلى باب أحد المنازل في قرية قانية، شاهدنا نقشاً قصيراً كتب عليه بوضوح الاسم( هجر قانئة) بالهمزة، وليس بالتخفيف كما ينطق حالياً. كما يشاهد المرء عدداً من الآبار القديمة ( الحميرية)، لا يزال بعضها يستعمل إلى اليوم وكذلك آثار من سد قديم. ويطل على وادي قانية من ناحية الجنوب جبل عال يسمى محجان تؤدي مياه مساقطه إلى الوادي. وفي سفح هذا الجبل وعلى مقربة من ( قرية الجذمة) شمالاً وقرية الاعبلي وهجر قانية غرباً تقع ( ضاحة الجذمة) ، ( والضاحة بلهجة أهل اليمن منحدر حلوق صعب المرتقى) حيث يشاهد المرء، صخرتين عاتيتين نقش عليهما كتابات ومخربشات بخط المسند ورسوم حيوانية وآدمية كصورة الوعل وصورة شخص يحمل رمحاً، على أن ما يلفت النظر حقاً من بين تلك الكتابات هو ذلك النقش الكبير المحفور بعناية على الصخرة الجنوبية. وهو نقش يتألف من 27 سطرا وفي خاتمة كل سطر حرفان مكرران هما الحاء والكاف، ومما يدعو للأسف أن الجانب الأيمن من النص قد أتلف وأصيب بالتشوه، ويكاد أن يشمل التشويه نصف النقش، ويغلب ظني أن التشويه كان بفعل فاعل وليس بسبب عوامل طبيعية. وقد كان ذلك النقش بالنسبة لي كشفاً مثيراً منذ اللحظة الأولى وأحس صاحبي بالسرور البالغ الذي ارتسم على وجهي ذلك اليوم فمبلغ العلم أنه ليس في مادة النقوش اليمنية القديمة على كثرتها، ما يشبه ذلك النقش الذي يترامى للناظر إليه لأول وهلة برسمه الصارم والدقيق على تلك الصخرة العاتية، وكأنه نص لوح ديني جليل أو كأنه إحدى القصائد الغراء التي يروى أنها كانت في الجاهلية تعلق على جدران الكعبة. وخطر لي حينذاك أن أطلق على النقش اسم( نقش القصيدة الحميرية) وقلت لعلها تسمية توحي بالتفاؤل، وأن النص قد يكون فعلاً شيئاً من هذا القبيل، على أنني في قرارة نفسي كنت أعلم أن ذلك محض ادعاء سابق لأوانه وأن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد تسمية ليس إلا. ونقلت ذلك النقش إلى مفكرتي بصعوبة هائلة لكثرة ما أصابه من خدش وتشويه وكررت نقله في أوقات مختلفة وأخذت له صوراً فوتوغرافية. وبعد أن عدت من الرحلة التي استغرقت أسبوعاً، ( جمعت خلالها مع صحبي حصيلة جيدة من المعلومات الأثرية والنقشية) عكفت على قراءة تلك الأسطر المرسومة على صخرة ضاحة الجذمة ودرستها بعناية واهتمام. وتبين لي أنه من الصعب التأكد من بقايا الحروف المخدوشة وهي كثيرة كما أن الواضح منها لا ينبئ وحده بالمفيد. فعلى رغم أن النص منقوش بخط المسند كغيره من آلاف النقوش التي عثرنا عليها في المنطقة نفسها إلا أن معظم مفرداته بل وتراكيبه غير معهودة لدى دارسي النقوش اليمنية القديمة. واسترعى انتباهي أن بعض نقوش المنطقة تلك تشبه في رسمها وطريقة كتابتها رسم هذا النقش الفريد وطريقة كتابته، وان قراءة تلك النقوش ومعرفة محتواها كان ممكناً في الغالب. أما ما قد يلاقيه المرء من صعوبات في قراءتها فهي في مجملها لا تختلف عن تلك التي يصادفها المرء عند قراءة أي نقش يمني قديم وهي مصاعب معلومة تتعلق بحالة النقش وغرابة بعض المفردات والتراكيب والأسماء.. أجل لقد صح حدسي منذ البداية وهو أنني لأول مرة أمام نص مكتوب بلغة غير لغة النقوش الرسمية والمعهودة لدى الدارسين. وانتهزت فرصة سفري إلى خارج الوطن وعرضت الأمر على بعض الأصدقاء المختصين من علماء لغة اليمن القديم اذكر منهم الدكتور( والتر موللر) أستاذ النقوش اليمنية بجامعة( ماربورج) بألمانيا الاتحادية والأستاذ الفردبيستن أستاذ النقوش اليمنية القديمة بجامعة أكسفورد وأخي العلامة الأستاذ مطهر الارياني وأستاذي الدكتور محمود الغول رحمه الله. وفي فتر لاحقة تداولت الأمر طويلاً مع زميلي الدكتور كريستيان روبان أستاذ النقوش اليمنية القديمة حالياً بجامعة اكس آن بروفنس في فرنسا. وقد شاركني أولئك العلماء الأجلاء ذلك الهم الذي أحمله وأبدوا ملحوظات قيمة. ولكن ذلك كله لم يسعفني في حقيقة الأمر بما قد يقدمني خطوة أساسية واحدة في سبيل حل لغز تلك الكتابة العجيبة. ومرد ذلك معروف: تلف صدر كل سطر وغرابة معظم مفردات عجزه وتراكيبه. وعدت أنقب من جديد وقرأت بين الحين والآخر كلما تيسرت لي مادة جديدة تتعلق بالنصوص القديمة في لغات الجزيرة ونقوشها. ورجعت إلى الموقع نفسه مرة أخرى ونقلت النص وصورته من جديد في فبراير 1978. ( في فترة لاحقة تكرم الدكتور كريستيان روبان وبعث إليَّ صورة جديدة مكررة ) وجمعت طرفا من لهجات تلك المنطقة وبعض المناطق الأخرى في اليمن في إطار قائمة المفردات والتراكيب التي استخرجتها من النص. فكان أن اهتديت إلى أن تلك الكتابة ربما كانت نوعاً من الأدعية الدينية كدعاء الاستسقاء. وهو افتراض كانت قد تؤدي إليه بعض الشواهد، ولكنها لم تكن تقطع بالحجة. ولما تسلمت العدد الأول من مجلة ريدان في عام 1978م قرأت فيما قرأت فيه إعادة نشر بعض نقوش الأستاذ زيد عنان التي كان قد نشرها ضمن كتابه( تاريخ حضارة اليمن القديم) والذي صدر في عام 1976م. وقد شد اهتمامي في تلك النقوش، النقش رقم(1) المنشور في مجلة ريدان. وكان زيد عنان قد شرحه في كتابه بإيجاز شديد. وذكر( إن في النقش كلمات غير معروفة وهو يحتاج إلى دراسة أكثر فلعل هناك عبارات سامية قديمة) وقد حاول الأستاذان ( بافقيه وروبان) في المجلة إعادة ترتيب النقش ترتيباً جديداً يخالف ما جاء في نسخة زيد عنان التي كتبها بخط يده، إذ ليس للأصل صورة. كما أن الأصل مفقود إلى الآن. ويقول بافقيه وروبان في مستهل دراستهما للنص أن هذا النقش ممتع رغم ما يحيط به من مصاعب يكاد يستحيل التغلب عليها، في غياب صورة له كما هي الحال في نقوش عنان كلها ويزيد الأمر تعقيداً أن ناقله لم يكن حريصاً على التقيد بتوزيع الأسطر في حالتها الأصلية، في الغالبية العظمى، فيما نقل من نصوص، كما يعترف صراحة في كتابه..( غير أننا نود أن نقترح تقسيماً محتملاً لمقاطع النقش وفقاً لأواخر بعض الكلمات التي ربما كانت الروي الذي تقوم على أساسه الأنشودة أو القصيدة الدينية، ويبدو أن الروي لم يكن واحداً من أول القصيدة ( اذا كانت قصيدة) إلى آخرها، وإنما يتغير عدة مرات. ومع صعوبة الجزم بطريقة النطق لبعض الألفاظ التي لم نتوصل إلى معرفة معانيها فان بعض المقاطع توحي بأنها من بحر الرجز..). أجل! يصادف المرء كلاماً جديداً في نقش زيد عنان هذا لم يعهد من قبل في النقوش اليمنية القديمة بل أنه يتعذر على القارئ إدراك المعنى بيسر إن هو وفق في آخر الأمر إلى ذلك، أن كتابة النقوش تهمل أصوات اللّين وعلامات الإعراب والوصل والمد والتشديد. ونحن نجهل حقاً كيف كان يُتَكَلَّم بلغة النقوش قديماً وإنما نجتهد في ذلك مقارنة باللغة العربية المحضة أو بما قاربها من اللغات. أن قراءة النص هذا تعترضه في الواقع مصاعب كبيرة، حتى وان ظهر في مبناه ما يشبه الشعر الموزون المقفى كما أن وجود( الفاصل) بين الكلمات في النقش محله يثير الشك في صحة الشكل الشعري، ولا ندري إن كانت الفواصل قد أهملت في الأصل في نهاية كل سطر أم لا، والعادة أن تكون مهملة، ونحن مقيدون على كل حال بنص زيد عنان كما هو الذي أهمل في رسمه التقيد بحدود السطر الأصلية كما سلف الذكر. وأورد هنا نص نقش عنان كما نشره( بافقيه وروبان) ووفق ترتيبهما:- (مدخل) يشتمل على عبارة( الاقناء) التقليدية اذا جاز لنا أن نقول ذلك. أو الإهداء أو التقدمة، والثاني ( الأنشودة) نفسها. مدخل: ربعم هـ ... ين حور هجرن مرب هقنيوالمقه ثهون بعل أوم ثورنهن وايلن ذهبم. أنشودة: 1- وسم متن: ( الأصح بالسين الثانية ) 2- بكهل ذلب صلل 3- وس كوم هلك عضل 4- ولمحرمن داكمثل 5- ذا قرم لكسعل( لك سعل؟) 6- بكهل كبهي ال ( في الأصل: كبهوي ) 7- ذذبرك لجبا شرقلك و.. 8- يدك ضرك تعرب.. كهل 9- كبلوثون كهل 10- وكل اضررن حسل ( في الأصل بالحاء المهملة ) 11- همسك مرأن بلل 12- كل ذعلي وس( ف ) ل 13- كهل بخت ذوهن ذرح ( في الأصل بالسين المهملة ) 14- هردأ ذو ملوب رزح 15- المقة ذبسكر ارمح 16- تحـ( ت) ك اخمس رضح 17- بكهل كممو ( في الأصل: مكهل/ عمو) 18- وملكك تريم ( في الأصل: ترعم) 19- خمسك لبأ لنعم 20- وهن أضرر تحتك هلل ( في الأصل هللم) 21- ايم ثون قدم 22- بكل.... يقع ذباوايك يقول بافقيه وروربان في شرحهما للنص السابق:" يصعب التعرض لكل العبارات والمقاطع، ولهذا فإننا سنكتفي بمعالجة البعض منها، حيث نرى مجالاً لإبداء الرأي مستخدمين الأرقام التي أعطيناها لكل فقرة منها:- 10- وكل الأعداء ( أعدائنا) أذل وأرعب. 21- قوتك أيها المولى( مولانا) تنال. 11- وكل الذي ( من) علا وسفل. 13- أعن من(؟) من العطش هزل 14- المقه ذ بسكر(؟) ادفع 15- تحتك جيوش تتكسر( تخضع) ويقف الشرح عند هذا الحد. واحسب أن هذه محاولة جزئية ناقصة لتفسير نص مهم. ولقد بذل الشارحان جهداً كبيراً في إعادة ترتيب النص وتفسير مفرداته. ولكن يبدو أن تفسير نص كهذا، بلغته هذه التي تغاير اللغة( الرسمية) المعهودة في النقوش أمر غير يسير، في هذه المرحلة من تاريخ علم النقوش اليمنية القديمة، إذ أننا بحاجة إلى عدد كاف من النصوص الموثقة بصورها الفوتوغرافية وسليمة في مجملها، دون تشويه وانطماس، بحيث نتمكن من القيام بدراسة أصيلة يبنى عليها حكم مفيد، يسهم في تمهيد الطريق أمام مجال أدب اليمن القديم الذي مازلنا نأمل أن يبرز يوماً، من خلال النقوش التي تعتبر مصدراً رئيسياً لتلك الفترة وكان مما لفت نظري في النص المذكور الفقرات 11-12-13-14- وقد حاولت أن أعيد قراءتها وتفسيرها ونقلها إلى العربية المحضة، فكان مايلي: أمسكت يا مولانا الندى في السماء والأرض فيا كهل خَلَّصْ مَنْ أعياه المرض ( أجهده) وأَعِـن ْ من أصابه الظمأ وينبغي حينئذ أن تفسر الفقرات تفسيراً قد لا يتفق مع ما أورده بافقيه وروبان إلا في بعضه، ففي الفقرة الأولى: (همسك) الهاء حرف تعدية في اللهجة السبئية وأمسك بمعنى حبس. وقد ادغم الكاف ضمير الرفع في اللغة اليمنية القديمة وهو بدل من التاء في العربية وبالتالي ينبغي أن يقرأ الفعل الماضي بتشديد الكاف هَمْسَكَّ. وسنتناول هذا الكاف مرة أخرى في تفسيرنا لنص ( ضاحة الجذمة) مرأن تعني سيدنا أو مولانا وفي لغة النقوش مرأهمو تعني سيدهم وهي كثيرة والنون هي الضمير المتصل ( نا) وياء النداء تحذف في العادة. بلل: والبلل هو الندى. والبلال كالبِلَّة هو الماء، وبالبلة تعني أيضاً الخير والرزق، الَبلّ يعني أيضاً الشفاء او المباح. وفي ( اللسان) أيضاً: البل هو المباح يمانية حميرية ( راجع اللسان مادة بلل). وفي الفقرة الثانية السافل هو نقيض العالي، وأرجح مع ( بافقيه وروبان) أن الخطأ كان في النقل، فهي سفل وليس سقل. وقد استعملت لفظي السماء والأرض بدلاً من الذي علا والذي سفل للإفادة فقط. وفي الفقرة الثالثة،كهل اسم اله عندهم كما ذكر ذلك أيضاً( روبان وبافقيه)، ( راجع مجلة ريدان، عدد ص20 ) . ( راجع نقوش قرية الفاو). واللفظ ( بحت) وهو في الأصل بالحاء المهملة ويمكن أن يقرأ على عدة أوجه. وقد رجحت أن يقرأ ( بّحِّتْ) بمعنى خَلِّصْ على صيغة الأمر. وفي اللغة بَحَتَ الشيء بالضم أي صار بحتاً. والبَحْتُ هو الخالص من كل شيء. وباحته الُّودَّ أي خالصه (انظر مادة بَحَتَ في اللسان) ويجوز أن تشتق صيغة فَعَّل بتشديد العين أي بَحَّتَ بمعنى خَلَّصَ. وفي اللغة أخلصه وخلَّصه أي امحضه. والبحَت هو المحض. وخلَّص وامحْضَ أي نجَّا وسلَّم ( راجع اللسان مادة خلص ومادة بحت). والتخليص هو التنحية من كل منشب. ذوهن: الذال هي ذو بمعنى الذي في اليمنية القديمة. والوهن هو الضعف في العمل والأمر وكذلك في العظم ونموه. ويقال رجل واهن في الأمر والعمل أي موهون في العظم والبدن( اللسان مادة وهن) ذرح: الشيء في الريح ذرَّاه. وطعام مذرَّح أي مسموم. ( اللسان مادة ذرح) فمثلا يقال حديثاً أصاب( فيروس) كذا فلانا أي أصابه المرض. والفيروس في معناه اللغوي هو السم. وفي الفقرة الثالثة: اكرر تفسير ( بافقيه وروبان) وأضيف أن ملوب مثل ( موهون) واهن واصلها من اللوب وهو العطش. واسم الفاعل هو لائب واسم المفعول هو (ملوب) في الأصل ولهذا اثبت الواوين وفق طريق الرسم في اللغة اليمنية القديمة والفقرتان 13-14- استغاثة للإله كهل من جهد البلاء وشدة الظمأ. وفي التنزيل: ( لا يُصِيْبُهُمْ ظـَمَأُ ولا نَصَبُ ). واحسب أن هذه القراءة: ربما كان فيها مفتاح موضوع النص كله، اجل قد يكون النص أنشودة دينية على طريقة أناشيد بابل الدينية وترانيمها إلى الآلهة. مثل تلك الأناشيد التي جمعها الأستاذ( زمرن) ونشرها في ( ليبزج) بين عامي 1905و 1911، بعنوان: ( أناشيد بابل الدينية وادعيتها) أو كتلك الأناشيد التي نشرها ( لامبرت) في أكسفورد عام 1965م ضمن كتاب سماه: أدب الحكمة البابلي. وهي أدعية وصلوات وأناشيد تتعلق بأحوال القوم ونشاطهم الخاص والعام، وفق تقليد متوارث ومتراكم مما يجعله اقرب إلى ( الأدب الشعبي) إذ أن نسبته إلى شخص معين أو زمان محدد أمر صعب. ومثال ذلك ترنيمة الشمس أو النشيد المُوجَّه إلى الالْهة الشمس. هي من ذخائر الأدب البابلي من حيث الشكل والمضمون. ويشبه ذلك أيضاً تلك الأناشيد المصرية القديمة مثل نشيد اخناتون ونشيد راع. القصيدة الحميرية وبدا لي أنه ربما كان موضوع الترتيلة اليمنية القديمة التي يتضمنها نقش( ضاحة الجذمة) في وادي قانية هو الموضوع نفسه الذي يحتويه نقش عنان، أي دعاء استسقاء كما سبق أن ألمحت إليه. ففي نقش زيد عنان يتوجه أصحاب النقش بالدعاء إلى الإله كهل طلباً للماء بعد اشتداد أزمة القحط، حيث شحت الإمطار وجفت الآبار والوديان، ولسان حالهم: الغَيْث، يارَبُّ ! لقد حبست عنا القطر وشحت الأرض وبلغ بالناس والحيوان مبلغاً عظيماً فامنن بفك الأزمة وخلاص القوم. إن نصاً هذا معناه ينبغي أن يمثل نمطاً من ( الأدب الديني) الذي يتوقع إبداعه في بلد كاليمن، يعتمد اعتماداً كبيراً على الأمطار الموسمية وإذا ما تلكأ تنزُّل الغيث عن موسمه زمناً، يلجأ الناس إلى الاستسقاء. وقد يستقون بأمور كثير. وهي سنة حسنة وعادة معلومة بين الناس، وربما كانت قديمة قِدَمَ الإنسان نفسه في أرضه، وصلاة الاستسقاء مندوبة في الإسلام ودعاء الاستسقاء متواتر ومعروف. وفي بعض القرى اليمنية يشمل شعائر الاستسقاء بقايا عادات متوارثة كتقديم الأضاحي في بعض الجبال، حيث مساقط المطر أو الأماكن التي تشتد فيها الأمطار عادة وتكثر السيول زمنها أن يكتبوا سورة من القران مثل سورة( الواقعة) على ثمرة اليقطين الجافة ثم يعلقونها في مكان عال حتى يتنزل الغيث. وإذا كان بالإمكان أن يكون مضمون هذا النص اليمني القديم هو دعاء استسقاء فما بال شكله؟ وأي نوع من أنواع الكتابة والإنشاء؟ أو قل هل يندرج النص ضمن أي نوع من أنواع الأدب نثراً كان أم شعراً؟ إن ابرز ما في هذا النقش هو خاتمة كل سطر فيه، حيث يتكرر حرفان هما الحاء والكاف في كل سطر، وان عدد حروف كل سطر تتراوح بين ثلاثة عشر حرفاً وسبعة عشر حرفاً والغالب هو ستة عشر. ورغم أن انعدام أصوات اللين والحركات ( يقتل) أية محاولة مثمرة لدراسة التفاعيل إن وجدت، إلا أن لزوم الحاء والكاف في آخر كل سطر سبعاً وعشرين مرة متتالية: يغري باعتبار ذلك قافية ممكنة. وتبين لي أن الكلمة الأخيرة: في كل سطر ينبغي أن تكون فعلاً. وان الكاف حينئذ لا بد وان تكون ضميراً متصلاً. ونحن نعلم أن الكاف ضمير متصل في اللغة الحبشية واللغة الاكدية. وأنه الأصل في ضمير الرفع في اللغات القديمة( السامية) ويقابل ذلك التاء في العربية كقولك قمتُ( للمتكلم) وقمتَ( للمخاطب). وكان ضمير الرفع هذا غير معروف لدى دارسي النقوش اليمنية القديمة حتى عهد قريب. وان كنا نعرفه متواتراً في بعض لهجات اليمن اليوم( انظر " أطلس اللهجات اليمنية، بيتربينشتدت) فيسبادن 1985م ص116) وستجدون في هذا الأطلس انتشار الكاف بدلاً من التاء في مناطق كثيرة من اليمن تمتد ما بين جبل صبر جنوباً وباقم شمالاً مروراً بالعدين وإب وريمة وبعض شهارة وحيدان وغيرهما. وحاولت أن أطبق على النص أوزان العرب وقارنته بالأشعار الشعبية اليمنية واشعار لهجات المهرة وسقطرة وبعض المنظومات من البلاد الإفريقية المجاورة فبدا لي أن هذا الضرب من الكلام ربما كان قائماً على نقش شعري قديم يعتمد على استغلال النبرة كعنصر موحد وينتظم كل سطر عدد معين من النبرات وتكون القافية آخر موضوع للنبر فيه. وهذا يخالف الفن الشعري العربي الذي يعتمد أوزاناً كمية يحكمها عدد المقاطع كتولل في بحر الطويل: فعولن مفاعيل فعولن مفاعلن0 د/ راجع بهذا الخصوص مقالة كارل بيتراتشك في المؤتمر الثالث للدراسات الاثيوبية- الجزء الثاني أديس أبابا 1966- الأنساق الشعرية في اليمن وأهميتها في دراسة الأنساق الحبشية ص 259 وما بعدها صدر عن جامعة هيلا سلاسي( 1970) ( بالألمانية). ولكن ليس لدينا من دليل يهدينا إلى موضع النبر في لغتنا العربية كما كان ينطق بها في العصور الإسلامية الأولى إذ لم يتعرض له احد من المؤلفين القدماء. ومواضع النبر في اللهجات قديمة أو حديثة قد تحكمها عوامل مختلفة مما يجعل الحديث عن الكيفية التي كان أهل اليمن القدماء في ارض مراد مثلاً ينطقون مثلاً هذا الضرب من الكلام، أمراً متعذرا على أن ذلك لا يكون في الغالب حكماً نهائياً وإنما يمكن لمحاولات عدة إعادة بناء ما يمكن أن يشبه ذلك النسق الشعري. وبعد- هل نحن أمام نص يقوم معناه ومبناه على أسس فنية معلومة كأي نوع من أنواع الأدب الجميل كالشعر والنثر؟ هل نحن أمام أنشودة دينية ذات نسق نغمي معين ينتهي بالقافية؟ وهل نحن أمام سجع يمني قديم على طريقة سجع الكهان في الجاهلية ؟ هل نحن أمام نوع أدبي قديم يسبق الشعر العربي الذي عهدناه في الجاهلية ويمهد له؟ هل نحن أمام أول نموذج للنظم في اليمن القديم؟ وهل نحن أمام بداية الشعر العربي كافة؟ فمبلغ العلم استناداً إلى الدليل الخطي أن هذا النص يعود في اقل تقدير إلى الثلاثة القرون الأولى بعد الميلاد. فهو يقع على مقربة من قصر كبير من أهم قصور آل معاهر، اقيال إتحاد قبائل ردمان وذي خولان، وهو مقر هجر قانية ولا تبعد هجر قانية عن هجر وعلان( المعسال حديثاً) حاضرة آل معاهر وفيها مقر شحرار الذي نقش على صخوره عدد وافر من النقوش اليمنية القديمة وبعض هذه النقوش الهامة مؤرخة، ويعود تاريخها إلى القرنين الثاني والثالث بعد الميلاد. وتدل آثار تلك المنطقة من خرائب ولُقىِّ أثرية ونقوش، على حضارة وديان راقية لا تقل مستوى عن حضارات وديان مشرق اليمن الأخرى. وكان أهم اله يعبد في هذه المنطقة هو اله الشمس بخلاف كثير من مناطق اليمن حينذاك وللشمس معبد كبير في جبل شحرار المذكور وكانوا يلقبونها عالية وهو لقب معروف عند غيرهم أيضاً. ولها معبد آخر عثرت عليها في سوق الليل شرقي قرية الخرابة الواقعة بين الاغوال وردمان، وهو معبد مستطيل حوالي ( 25×30) مترا ومازالت صفوف من حجارته المهندمة باقية. وشاهدنا بعض المواطنين يقومون بتكسير تلك الأحجار وبتهديم آثار ذلك المعبد القصي والذي بني بناءً بديعاً كما تبئ عنه أثاره. على أن ما يمكن الإشارة إليه هو أن هذا النمط من النصوص مألوف في الشرق القديم عموماً، إلا أنه نص جديد ومثير بالنسبة لليمن القديم ويعكس شيئاً من ثقافة عرب اليمن قديماً. كما أنه يخرج عن إطار ما نألفه في أشكال آلاف النقوش اليمنية ومضامينها، والتي وصلتنا إلى اليوم. وربما كان( نقش عنان) السابق ذكره هو اقرب نصوص النقوش اليمنية القديمة إليه. فهو مثله يعتمد القافية ويتضمن نشيداً يتقرب به إلى اله. والإله هنا هي الشمس وهي الهة المطر عندهم كما تبين نقوش أخرى، فالنص لا يخلو بالفعل من موضوع الابتهال والاستسقاء وكأنه( أنشودة المطر) حقاً. وفيما يلي نقل لمبنى النقش ومحاولة لنقل المعنى، ويتبع ذلك شرح مفصل للمفردات. ثم اختم القول بتحليل ومناقشة لأهم القضايا الفنية والموضوعية في هذا النقش النادر والمثير في تاريخ علم النقوش اليمنية القديمة ( في دراسة لاحقة). نقل المبنى: نشترن/ خير/ كمهذ/ هقحك بصيد/ خنون/ مأت/ نسحك وقرنو/ شعب/ ذقسد/ قسحك ولب/ علهن/ ذيحر/ فقحك وعليت/ أأدب/ صلع/ فذحك وعين/ مشقر/ هنبحر/ وصحك ومن/ ضرم/ وتدأ/ هسلحك ومهسع/يخن/ أحجي/ كشحك ونوي/ تفض/ ذكن/ ربحك وصرف/ ألغذ/ دأم/ ذوضحك وجهنللت/ هنصنق/ فتحك وذي/ تصخب/ هعسمك/ برحك وين/ مزر/ كن/ كشقحك ورسل/ لثم/ ورم/ فسحك وسن/ صحح/ دأم/ هصححك وكل/ يرس/ عرب/ فشحك وكل/ أخوت/ ذقسد/ هبصحك ولليت/ شظم/ دأم/ تصبحك وكل/ عدو/ عبرن/ نوحك وكل/ هنحظي/ أملك/ ربحك وأك/ ذتعكد/ أرأ/ كفقحك ومن/ شعيب/ عرأن/ هلجحك وجب/ يذكر/ كلن/ ميحك حمدن/ خير/ عسيك/ توحك هنشمك/ هندأم/ وأك/ صلحك هردأكن/ شمس/ وأك/ تنضحك تبهل/ عد/ أيسي/ مشحك نقل المعنى: نستجير بك يا خير فكل ما يحدث هو مما صنعت بموسم صيد خنوان مائة أضحية سَفَحْتِ ورأس قبيلة "ذي قسد" رفعت وصدر علهان ذي يحير شرحت والفقراء في المآدب خبزاً أطعمت والعين من أعلى الوادي أجريت وفي الحرب والشدة قوّيت ومن يحكم بالباطل محقت وغدير "تفيض" لما نقص زيّدت ولبان "إلعز" دائماً ما بيّضت وسَحَر اللات إن اشتد ظلامه بلّجت ومن يجأر ذاكراً نعمك رزقت والكَرْم صار خمرا لما أن سطعت وللإبل المراعي الوافرة وسّعت والشرع القويم صحيحا أبقيت وكل من يحفظ العهد أسعدت وكل أحلاف ذي قسد أبرمت والليالي الغُدر بالاصباح جلّيت وكل من أعتدى علينا أهلكت وكل من يطلب الحظَّ مالاً كسَّبت ورضي من تعثر حظه بما قسمت وفي( الشعيب) الخصبَ أَزجيت وبئرٌ "يذكرٌ" حتى الجمام ملأت الحمدُ يا خير على نعمائك التي قدّرت وعدكِ الذي وعدتِ به أصلحت أَعنِتنا يا شمس إن أنت أمطرت نتضرع إليك فحتى بالناس ضَحّيت (مجلة ريدان، بتصرف , العدد5 ، 1988) المصدرhttp://www.yeph.org/index.php?action=showDetails&id=117
مزاج متميزة دائما.. كتميز الأصالة والحضارة اليمنية.. اشكرك على نقل هذه الدراسة الرائعة والتي سيستفيد منها كل من يقراءها.. لك مني قصيدة حميرية تنقش على قلبك.. نقية كنقاء روحك.. خالص ودي..
مزاج كنت هنا واستمتعت بمعلوماتك القيمة عن القصيدة الحميرية.. ودائما الاحظ تميزك في إنتقاء المواضيع.. تقبلي مروري.. تحياتـــــــــي..